البحث في الموقع

 لدعم الموقع 



آخر المواضيع

الأحد، 5 أغسطس 2018

تعرفوا على : الانشغال المستمر يقتل قدرتنا على التفكير الإبداعي


قبل بضعة أيام ذكر صديق لي عن مدى تطلعه الى المركبات ذاتية القيادة، لما سيتسبب به ذلك من انخفاض بمعدلات الوفيات الناتجة عن عدم التركيز خلال القيادة.

هذا صحيح، كانت هذه اجابتي الأولية، لكن منبهاً بحذر: ما نكسبه على الطرقات، نخسره في التركيز العام.

امتلاكنا لمكان إضافي نكون فيه مشتتي الذهن لا يساعد في تحسين صحتنا العقليّة و الاجتماعيّة.
رغم أن الفائدة التي تأتينا من كوننا مشتتي الذهن هي قليلة الا أننا من ناحيّة أخرى نجد صعوبة في تركيز انتباهنا لإنجاز أمر ما.
فبحسب دراسة أخيرة، إحدى الصفات العديدة التي قد تتأثر بشكل سلبي في كونك كثير الانشغال، هي صفة الإبداع. القدرة على الانتقال بين الانشغال وأحلام اليقظة هي مهارة مهمّة أصبحت في خطر نتيجة كثرة الانشغال الذي لا يُحتَمل.

تقول إيما سيبالا من جامعة ستانفورد، ((الفكرة هي الموازنة بين التفكير الخطي (والذي يتطلب قدرة تركيز عالية) مع التفكير الابداعي، و الذي يكون وليد الكسل.
كما يبدو فإن الانتقال بين هاتين الحالتين هو الطريقة الأنسب من أجل إنجاز عمل إبداعي بشكل جيد.))
وهي ليست أول ما يشير الى هذه الحقيقة. فقد قدم عالم الأعصاب دانيال لفيتين التماس مشابه في كتابه الصادر عام 2014 تحت عنوان (العقل المنظم). ((التحميل المبالغ فيه للمعلومات يُغرقنا في الضوضاء،)) كما ذكر في كتابه، يستهلك الفرد في الولايات المتحدة خمسة أضعاف المعلومات عن ما كان عليه قبل 25 سنة مضت؛ خارج العمل نقوم بمعالجة 10000 كلمة في اليوم.

هذا الاجهاد لا يمتص منا قوة الإرادة فحسب (التي نمتلك منها كمية محدودة في الأصل) لكنه يمتص الابداع أيضاً.
كان تعبيره مختلفاً عن ما جاء في قول سيبالا؛ التفكير الخطي هو جزء من الشبكة التنفيذية المركزية، هو قدرة دماغنا على التركيز، في حين ان التفكير الإبداعي هو جزء من شبكة الوضع الافتراضي للدماغ.

يذكر لفيتين وهو في الأصل عازف محترف سابق و الذي قام بصناعة أعمال فنية لكل من فرقة “Grateful Dead” وعازف الكيتار المعروف “Santana”، في كتابه:
((الفنانون يعيدون بناء سياق الواقع ويقدمون لنا رؤى لم تكن منظورة سابقاً. الابداع يقوم باشراك وضع أحلام اليقظة بصورة مباشرة ليحفز التدفق السلس وتكوين الأفكار، مصوغة بذلك روابط بين المفاهيم و الوسائط العصبية كان من الممكن أن لا تتكون بخلاف ذلك.))
ان اشراك الابداع يتطلب الضغط على زر الاستراحة، بمعنى أن تخلق وقت في يومك من أجل الاسترخاء أوالتأمل أو التحديق في اللاشئ. وهذا الأمر مستحيل عندما تستعين بهاتفك النقال في كل دقيقة فراغ (سواء في العمل أو عند الوقوف في الطابور أو عند انتظار اشارة المرور).

يصبح نظام اليقظة للدماغ معتاداً على التحفيز المستمر؛ ستكون عديم الصبر و سريع الغضب عند انعدام وجود هذا المدخول من الراحة للدماغ. أنت بذلك مدمن على الانشغال.
يشكل ذلك خطورة على نوعية الحياة. كما تشير سيبالا ان الكثير من العقول الرائعة في العالم قاموا باكتشافاتهم العظيمة خلال وقت لم يكونوا يقومون فيه بشئ على الاطلاق.

تخيّل نيكولا تسلا حقول المغناطيس الدوارة خلال نزهة على الأقدام في بودابست؛ في حين أحب البرت أينشتاين الاستماع الى موزارت في أوقات استراحته من جلسات التفكير العميق.

يكتب الصحفي مايكل هاريس في كتابه (نهاية الغياب)، ((اعطاء تحية احترام للملل (وهي أداة ثمينة في عصرالاجهاد الزائد) ويكون ذلك بأن نبدأ بتقدير الأمور التافهة والمشاعر العابرة بدلا من الأمور الأكثر أهميّة. ينصح هاريس بالقِلُّة في غضون اليوم الاعتيادي.
((ربما سنحتاج الى جعل الندرة صفة في اتصالاتنا و تواصلنا و غيرها من الأمور التي نقوم باستهلاكها. والا تصبح حياتنا شبيهةً ببث اشارات لشفرة مورس خالية من أية فواصل؛ عبارة عن صخب يحجب البيانات الثمينة خلفه.))
كيف سنتمكن من فك الاتصال في وقت التواصل فيه مطلوب من قبل المدراء و الأقران و الأصدقاء؟

تعطينا سيبالا أربعة اقتراحات:
1- اجعل المشي بدون هاتفك النقال جزء من روتينك اليومي.
2- قم بتجربة أمور لم تجربها من قبل.
3- أفسح المجال للمرح و اللعب أكثر.
4- تناوب في عمل أمور تتطلب تركيز مع نشاطات تطلب تفكيراً أقل.

يوصي بالنصيحة الأخيرة الكاتب كال نيوبورت، مؤلف كتاب (العمل العميق). لا يمتلك نيوبورت أي حساب على صفحات التواصل الاجتماعي وقد يتحقق من بريده الإلكتروني مرة واحدة في اليوم، وحتى في ذلك الحين يتم خلال وقت محدد وصارم. يقول نيوبورت ((حقاً ان الوقت الضائع خلال ما نعتقده (تواصل) لا يمكن تعويضه وُجٍدَ من أجل التركيز في مشروع ما.

بدون هذا الوقت أنت تُعرض نفسك لخطر إعادة ربط أنماط الشبكة العصبية الخاصة بك. إذا ما قضيت وقت كافي وأنت في حالة من الهيجان السطحي فأنت بذلك وبشكل دائم تقلل من قدرتك على إنجاز عمل يحتاج الى تركيز))

هذا بالطبع اشارة غير جيدة لمن يتأمل أن ينجز عمله بابداع، وإذا كنا واقعيين فنحن جميعا نأمل ذلك.
الانشغال بالعمل
تفيد الأبحاث أن خوفك من أن يفوتك شئ ما (أو خبر ما) يسبب زيادة في القلق ويؤثر على صحتك كذلك على المدى البعيد. 

بغض النظر عن مهنتك فإن وجود عقليّة مرنة يفتح المجال أمام أفكار وأساليب جديدة لا تقدر بثمن. خسارة ذلك من أجل التحقق من آخر تغريدة أو نشر صورة سيلفي خارجة عن السياق هي مأساة يمكن تجنبها.

من فضلك اضغط الاعلان

جزاكم الله خيرا

👇👇👇

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *