أصبحت السمنة من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، إذ يموت بسببها أكثر من 300 ألف شخص سنوياً.
وتسبب السمنة العديد من الأمراض الخطيرة، مما دفع الدراسات الطبية الحديثة إلى الاهتمام بوضع حلول جذرية لها.
لفت تقرير منظمة الصحة العالمية WHO الصادر عن مكتبها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط الانتباه إلى أن الأمراض غير المعدية، كارتفاع ضغط الدم وداء السكر وداء السمنة، تعتبر من أهم أسباب الوفيات في الوطن العربي.
إذ ينجم عنها مليوني حالة وفاة سنويا.
ولا يخفى على أحد أن من أهم العوامل المساهمة في هذه الأمراض سوء التغذية وقلة الحركة والتدخين، وكلها عوامل بامكان الفرد ان يتحكم فيها أو يغيرها بأقل التكاليف وبمجهود قليل.
ظاهرة جديرة بالدراسة
تزايد الاهتمام بالسمنة لما ينتج عنها من أعراض وأمراض مختلفة، كالصعوبة في النوم وصدور أصوات أثناء النوم "الشخير" وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات القلبية والدماغية ومرض السكر وزيادة نسبة الإصابة بالسرطان والنقرس وهشاشة العظام وتآكل الغضاريف وتكيسات المبيض وأمراض الجهاز الهضمي والتعب المزمن والأنيميا.
وأظهرت الكثير من الأبحاث أن السمنة شائعة أكثر بين أطفال المدن الكبرى، حيث تقل ممارستهم للتمرينات الرياضية، بسبب ندرة الأماكن الآمنة الصالحة لممارسة هذه الألعاب.
كما أنها شائعة بين الأسر ذات المستويات المتدنية من التعليم. والسمنة اكثر انتشارا بين الأسر الصغيرة وبين أسر الأمهات العاملات.
وبالرغم منك كل هذا من قال أن السمنة أو البدانة غير مرغوبة لدى البعض؟ فمثلا هناك بعض التقاليد القبلية في موريتانيا تقضي بأن لا تتزوج المرأة إلا إذا كانت سمينة جدا.
ربما تعتبر هذه التقاليد قديمة نوعا ما ولكنها ما زالت قائمة عند الموريتانيات هذه الأيام.
وما تزال تدفع هذه التقاليد بعض الأسر لإرسال بناتها إلى معسكرات التسمين القسري منذ ربيع عمرهن. فالسمنة شرط أساسي من شروط التأهيل للزواج، بمعنى أن الفتاة إن لم تكن على هذه الحالة فإنها تكون ناقصة وغير مكتملة. فهذه الأمور تجعل الأسرة حريصة تمام الحرص على تحقيق ذلك الشرط، حتى تكون ابنتهم مرشحة أو مؤهلة للزواج.
هل صحيح أن النحافة تعني الجمال؟
تعتبر النحافة هاجسا يؤرق حياة اغلب السيدات وخصوصا الصغيرات من الجيل الجديد.
ازداد انتشار هذه المشكلة مع ازدياد نحافة المذيعات وعارضات الأزياء على شاشات الفضائيات، مما خلق لديهن حب التشبه بهن.
وقد أصبح الجمال مقترنا بالرشاقة، فنجد النساء يتسابقن على تخفيف أوزانهن،
واتباع أنواع حميات خاصة، وقد تلجأ بعضهن الى إجراء عمليات جراحية كحزام المعدة أو عمليات التجميل للتخلص من الدهون الزائدة.
وطرق كل الأبواب سعيا وراء إنقاص الوزن بات أمرا واسع الانتشار، فنحن نشهد في الآونة الأخيرة تسارعا غير مسبوق في ابتداع الطرق والوسائل التي تلعب على أوتار حلم الرشاقة، فبدءا من الأدوية والأعشاب، ومرورا بالأجهزة الرياضية وانتهاء بمراكز التنحيف الخاصة.
كلها أشكال متعددة للاتجار بأماني الناس، وتحويل حلم الرشاقة الى فخ ينصب ليبتز أموال النساء اللواتي يبدين استعدادهن لإنفاق كل ما يملكن مقابل تخفيف أوزانهن.
فقد رصدت دراسة نشرت في مجلة الشئون الصحية الأمريكية الى أنه في الفترة ما بين عام 1987 وعام 2002 تضخمت الانفاقات الخاصة على المشاكل الصحية ذات الصلة بالسمنة في الولايات المتحدة الأمريكية الى 36.5 مليار دولار.
كما أشارت مجلة "أستراليا" الطبية الى ان الاستراليات ينفقن ما يصل الى 414 مليون دولار أسترالي سنويا لإنقاص أوزانهن. ومن جهة أخرى تصل تكلفة مقاومة البريطانيات لمشكلة السمنة الى 3 مليارات دولار سنويا.
هل هناك علاقة بين الحماقة والسمنة؟
وصل مرض السمنة وما ينتج عنه من مشاكل الى المجال الإعلامي. فالمسئولون مثلا بالمحطات التلفزيونية ليسوا بحاجة لانتظار بحوث طبية تثبت العلاقة بين البدانة والحماقة.
فالمذيعات والمذيعون البدناء قد يؤدون الى عزوف الجماهير التلفزيونية.
فمن قمة الحماقة أن تجعل هؤلاء البدناء يؤدون الى هروب المعلنين، وبالتالي التسبب في إفلاس المحطة.
ومعايير الإعلام الجديد يمكن ان تغفل الذكاء إذا كان الشكل مقبولا.
فالمذيعة الشهيرة أوبرا وينفري كانت تعاني من السمنة واستطاعت مؤخرا أن تتخلص منها لأنها تعلم أنها ستضر بحضورها.
وأوبرا تملك من الشهرة والمال ما يجعلها لا تتوقف عن الأكل وهي لا تخشى شيئا، ولكن يبدو أنها تحمل الهاجس الرائع للظهور بشكل لائق من الداخل والخارج.
وقد تنبهت المحطات المصرية الى أهمية هذا الموضوع، حيث قام التلفزيون المصري في العيد باستبعاد المذيعات البدينات اللاتي يظهرن على شاشته.
وبهذا الصدد أيضا، قرر التلفزيون المصري منع ظهور المذيعات البدينات على شاشته، كما قرر منحهن إجازة إجبارية ريثما تنطبق عليهن الشروط الجديدة. وقد أصدرت المديرية العامة للإذاعة والتلفزيون تعميما يقضي بأن المذيعة التي لا يطابق وزنها المقاييس التي سيتبعها التلفزيون عليها الخروج في إجازة، حيث سيتم تكليف بديلة عنها "مؤقتا".
الحل بين يدينا
السمنة مرض مزمن لن نتخلص منه إلا بتغيير العادات الغذائية الخاطئة وإدارة نظام صحي، كتثبيت مواعيد تناول الطعام ونوعياته وتغيير طرق الطهي واكتساب عادات سليمة خلاف تلك المتوارثة منذ أجيال بعيدة.
ولن يتم ذلك إلا من خلال طبيب مختص ومعتمد في مجال التغذية، يستطيع أن يقيم الحالة الصحية لكل بدين ويحدد السبب العلمي وراء زيادة وزنه وسبب مقاومة جسمه للعلاج، مع عمل فحوصات ضرورية كتحليل محتويات الجسم للكشف عن وزن الدهون والعضلات والسوائل وعمل تحليل للدم لمعرفة مستوى السكر والكولسترول والغدة الدرقية والكورتيزون وكذلك تحليل الميتابوليزم للتعرف على التمثيل الغذائي.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفسيولوجية والاجتماعية والنفسية المرتبطة بالسمنة، مع الاهتمام بتزويد الشخص المصاب بالسمنة بمعلومات حول ممارسة النشاط البدني بما يتناسب مع حالته الصحية وعاداته وتقاليده.
من فضلك اضغط الاعلان
جزاكم الله خيرا
👇👇👇
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق