كان كارل ساغان (ولد في 9-11-1943، توفي في 20-12-1996) داعماً لا يكل أو يمل للمنطق، روائي شاماني نقل غرابة العلم، وألقى في غالب الأحيان بظلال الميتافيزيقيا أو الماورائيات في حكمته العظيمة على أسئلة تتعدى في حجمها حجم العلم نفسه، كتلك الأسئلة عن جوهر الروحانيات والمعنى الكامن وراء الحياة. في أوج عطائه، زاوج ساغان بين الاثنين: سحر غموض الماورائيات من جهة، وصرامة المنطق من جهة أخرى، ليشعل بذلك تجربة متخطية للحدود ومفعمة بالفضول، ألا وهي العلم.
في الفيديو المقتطف القصير العظيم من سلسلته “الكون”، والتي تم إعادة توزيعها حديثاً، يقوم ساغان بفعل ذلك تحديداً وهو يشرح كيف أن النجوم تولد، وتحيا، وتموت، وتمدنا بالحياة:
في الفيديو المقتطف القصير العظيم من سلسلته “الكون”، والتي تم إعادة توزيعها حديثاً، يقوم ساغان بفعل ذلك تحديداً وهو يشرح كيف أن النجوم تولد، وتحيا، وتموت، وتمدنا بالحياة:
”ما يحدث في النجم الواحد يمكنه أن يؤثر على عالم في النصف الأخر من المجرة وعلى مليار سنة في المستقبل، ولكن من على كوكب يدور حول نجم ضمن مجموعة كوكبية متباعدة الأطراف، هناك ينتظر فجر أبهى وأكثر ألقاً، ليس شروق شمس، ولكنه شروق مجرة، ونهار يمتلئ بأربعمائة مليار شمس، إنه شروق درب التبانة، من هكذا عالم سيكون من الواضح، في الوقت الذي سيبدو الأمر واضحاً في عالمنا، أننا مصنوعون من الذرات والنجوم، وبأن مادتنا وتشكيلنا يتحددان بالكون الذي نحن جزء منه.
حياة وموت النجوم تبدو بعيدة كل البعد عن التجربة البشرية، ولكن على الرغم من ذلك فإننا متقاربون بشكل حميمي جداً مع دورات حياتهم. المادة ذاتها التي صنعنا منها كانت قد تولدت في زمن غابر ومكان بعيد جداً في نجومٍ حمراء عملاقة.
“نصل حشائش”، كما وصفها (والت ويتمان) هي رحلة عمل النجوم. تكوين النظام الشمسي يحتمل أن يكون قد أثير نتيجة انفجار نجمي عظيم قريب، وبعد أن اشتعلت الشمس مضيئة، تدفقت أشعتها الفوق بنفسجية إلى غلافنا الجوي بدفئها، وشكلت البرق، وكانت مصادر الطاقة تلك هي الفتيل الذي أشعل أصل الحياة.
تحصد النباتات ضوء الشمس محولة بذلك الطاقة الشمسية إلى كيميائية. نحن والحيوانات الأخرى متطفلون على النباتات، مما يجعلنا جميعاً نعمل بالطاقة الشمسية.
ثورة الحياة تقاد بالطفرات، والتي يعزى سببها بشكل جزئي للنشاط الإشعاعي الطبيعي والأشعة الكونية، ولكن كلاهما سببان في الموت الخلاب للنجوم العملاقة والتي تبعد آلاف السنين الضوئية. فكر بحرارة الشمس على صفحة وجهك في يوم صيفي خالٍ من الغيوم، من على بعد مئة وخمسين مليون كيلومترٍفإننا نلحظ قدرتها، فماذا كنا سنشعر لو كنا على سطحها المستعر ذاتي الإنارة، أو لو كنا مغمورين في جوفها الذي تشتعل فيه الحرائق النووية.
رغم ذلك كله، فإن الشمس نجم اعتيادي وحتى أنها متوسطة الحجم. عبد أسلافنا الشمس وقد كانوا بعيدين كل البعد عن الغباء، إنه من المنطقي تمجيد الشمس والنجوم، ذلك أننا أبنائهم.
لقد شهدنا دورات حياة النجوم وهي تولد، ثم تكبر، لتموت في النهاية. ومع مرور الزمن، تكونت أقزام بيضاء أكثر، ونجوم نيوترونية أكثر، وثقوب سوداء أكثر، وتكدست بقايا النجوم مع مضي العصور المتعاقبة. ولكن في نفس الوقت، فإن الفضاء الواقع بين النجوم أصبح أكثر ثراءً بالعناصر الثقيلة والتي من خلالها تتشكل أجيال جديدة من النجوم والكواكب والحياة والذكاء، ما يحدث في النجم الواحد يمكنه أن يؤثر على عالم في النصف الأخر من المجرة وعلى مليار سنة في المستقبل.“
من فضلك اضغط الاعلان
جزاكم الله خيرا
👇👇👇
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق