الاكتئاب النفسي مرض عصبي مثل كل الأمراض العضوية ينتج عن خلل كيميائي يصيب المخ.
ورغم إنتشاره بشكل كبير والخوف غير المبرر من أعراضه وتداعياته، إلا أن إمكانية علاجه الفعال تطورت بشكل سريع في السنوات الأخيرة.
يطلق علي الاكتئاب النفسي "مرض الجسم الكلى"، فهو ليس مرضاً نفسياً فقط، وإنما يؤثر أيضاً علي كل أعضاء الجسد.
فهو يؤثر على نوم الشخص وطعامه، والطريقة التي يفكر بها عن نفسه وعن الأشياء التي تحيط به.
ويعتبر الإكتئاب النفسي مرض مثله مثل الأمراض الأخرى كارتفاع ضغط الدم وقصر النظر وغيرها، كما أنه لا يرتبط دائما بعلاقة مع "الفشل" أو "الشعور بالذنب".
وللأسف غالباً ما يتم استقصاء المصابين بحالات الإكتئاب النفسي، لأن الأمراض النفسية لا تؤخذ مأخذ الجد، وهذا يعود إلى انتشار الأحكام المسبقة التي تدعي بأن على المرء أن "يقوي إرادته" فقط لكي يستطيع مواجهة هذا المرض.
فيلجأ المريض إلى الطبيب في وقت متأخر وبالتالي يتم علاجه بشكل خاطئ.
لذلك لا يمكننا وصف هذه الحالة المرضية بأنها إحدى علامات ضعف الشخص أو أنها ترتبط بقوة الإرادة للتغلب على الأزمة النفسية التي يمر بها الشخص.
يذكر أن حالات الإكتئاب لا تتحسن من تلقاء نفسها ولابد من التدخل العلاجي الفعال لإخراج المريض من نفق الإكتئاب المظلم. كما أنه من الممكن أن يؤدى غياب العلاج الدوائي إلى تدهور حالة المريض واستمرارها لعدة سنين، وذلك على الرغم من أن الدراسات الطبية أثبتت أن تقديم العلاج الملائم يساعد في علاج حوالي 80 % من حالات الإكتئاب.
كل شخص معرض للإصابة بالاكتئاب النفسي
بغض النظر عن جنس الشخص وسنه وتعليمه وموطنه يمكن أن يصيب الإكتئاب النفسي أي شخص منا بصورة مفاجأة، كما أنه ليس من السهل التفريق بين الإكتئاب النفسي كمرض وبين سوء مزاج اعتيادي أو أزمة حياتية حقيقية.
فالمصابون به والأطباء أيضاً على حد سواء يعتقدون في البداية بأن الأمر يتعلق بمرض جسدي فقط، لذلك فإنه من الضروري استشارة الأطباء المختصين الذين يملكون القدرة على تشخيص حالات الإكتئاب النفسي بدقة. لكن في حالة عدم علاج الاكتئاب النفسي، سيفقد المريض قدرته على الاستمتاع بمباهج الحياة، كما يمكن أن يقدم على الانتحار في أسوء الأحوال.
وفضلاً عن ذلك يمكن للأصدقاء والأقارب مساعدة ذويهم وذلك من خلال التعامل معهم بجدية وعدم نبذهم واتهامهم بالاختلال العقلي ونصحهم بالذهاب إلى الطبيب المختص من أجل تشخيص وعلاج مبكر حالة الإكتئاب النفسي.
غالباً ما يسبق المرض حالات إرهاق وحزن خاصة سببها مثلا وفاة أحد أفراد الأسرة أو خسارة أحد الأصدقاء، وهناك حالات إرهاق جسدي ونفسي مهني. كما أن عدداً كبيراً من المصابين بالإكتئاب النفسي يمرون خلال حياتهم بأحد أطوار الإكتئاب التي تستغرق عدة أسابيع أو عدة أشهر.
وعلاوة على ذلك قد يصاب بعض المرضى مرة أخرى بالإكتئاب في حالة عدم تلقيهم علاج فعال.
كما أن بعض المرضى لا يعانون من الإحباط والملل خلال اشهر الخريف والشتاء فقط، بل من حالات إكتئاب نفسية.
ولا يمكننا أن نعتبر الإكتئاب النفسي مرضاً يصيب كبار السن فقط، على الرغم من أن غالبية مرضاه من كبار السن لأنه يصيب صغار السن أيضا.
ولا يعاني المصابون بالإكتئاب النفسي من نفس الأعراض.
كما أن أعراضه الرئيسية لا تتمثل دائماً في فقدان الاستمتاع بمباهج الحياة وسيطرة الأفكار التشاؤمية على المريض.
فعند البعض يلاحظ المرء غياب الحيوية والمتعة الحياتية، وعند البعض الآخر يُلاحظ حالة قلق وصعوبة في التركيز، علاوة على حالات الأرق والإرهاق الجسدي.
وتتزامن هذه الأعراض غالباً مع غياب الحافز الجنسي.
وأحياناً يرتبط الإكتئاب النفسي بحالات خوف قاتلة، تختلف في حدتها من شخص لآخر.
وفي أسوأ الظروف لا يستطيع المريض مزاولة حياته اليومية كلياً بشكل اعتيادي وطبيعي.
الإكتئاب النفسي قابل للعلاج!
ان العائق الوحيد أمام علاج ناجح للإكتئاب النفسي هو الخجل من اللجوء إلى الطبيب لمواجهة هذا المرض.
والتصور القائل بأن الأمراض النفسية تشكل قضاءً وأمرا لا يمكن الهروب منه هو تصور خاطئ.
فاليوم يمكن علاج حالات الإكتئاب النفسي بواسطة أساليب العلاج النفسي الحديثة وبمساعدة عقاقير طبية لا تترك إلا آثاراً جانبية ضئيلة.
وغالباً ما يتم استخدام علاج يجمع بين الطريقتين.
وللأسف الشديد لا يزال الاعتقاد غير المبرر سائداً بأن من يلجأ إلى أخصائي العلاج النفسي يعاني من "الجنون" وأن عقاقير العلاج النفسي عبارة عن "أدوية كيميائية خطيرة".
والاكتئاب النفسي يعود بالدرجة الأولى إلى أسباب عضوية وبيولوجية، كما أن حالات الخلل في عمليات البناء والهدم البيولوجية لا تمت بصلة إلى العوامل الخارجية الأخرى، حيث تقل هرمونات السعادة وتزداد الإشارات السوداوية.
وهنا تقوم مضادات الاكتئاب، التي لا تسبب الإدمان ولا تغير من تركيب الشخصية، بمعادلة هذا الخلل. ومن أجل تجنب العودة إلى حالة الإكتئاب يجب تناولها لفترة طويلة.
وفضلاً عن ذلك يساعد العلاج النفسي المصابين بالإكتئاب النفسي على التعامل بشكل أفضل مع المرض.
وهنا تلعب تقوية التجربة الإيجابية وكسر حلقة الأفكار التشاؤمية (النفس اللوامة) دوراً مركزياً في الخروج من هذا النفق الباثولوجي.
وفي أغلب الأحوال يكفي العلاج النفسي لمساعدة المرض المصابين بحالات إكتئاب متوسطة أو خفيفة.
من فضلك اضغط الاعلان
جزاكم الله خيرا
👇👇👇
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق