ثمة العديد من القوى الطبيعية المهددة لحياة البشر والتي تكلف الحكومات مبالغ طائلة من بينها الأعاصير المدمرة، فلماذا لا تعتمد الحكومات على أسلحتها الفتاكة للحد من الأعاصير؟
على سبيل المثال، قتل إعصار كاترينا أكثر من 1500 شخص في أمريكا، أما إعصار ساندي فكان مدمرا لمنهاتن فيما لم تسلم نيويورك من الأضرار الناجمة عن هذه الأعاصير.
وكانت الفكرة الأساسية تتمحور حول قيام وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بضرب العاصفة الاستوائية والأعاصير لتشتيتها وإنقاذ الأرواح والحفاظ على ملايين الدولارات.
يمكن أن تكون هذه الفكرة ساذجة نوعا ما، ولكن في البدايات الأولى للطاقة الذرية وبرعاية المشروع الفدرالي الهادف إلى الاستخدام السلمي للأسلحة النووية، حاول أحد علماء الأرصاد الجوية إقناع العالم بصحة هذه السياسة.
ويخشى الناس حاليا الأسلحة النووية الخطيرة فعلا، ولكن هذا الحال لم يكن كذلك على الدوام. فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت أمريكا باستغلال الطاقة الذرية بشكل أكثر سلامة، وقررت واشنطن استخدام الأسلحة النووية استخداما سلميا من خلال مشروع Plowshare.
استٌغل مشروع Plowshare في مجالات عديدة من العلم والصناعة للعثور على كيفية الاستخدام السلمي للأسلحة النووية، كما درس المشروع إمكانية استخدام السلاح النووي في عمليات الحفر وأبحاث الجيولوجيا وتوليد الكهرباء تحت الأرض.
بدأ جاك ريد، عالم الأرصاد الجوية والمخضرم في مجال سلاح الجو، مهنته العسكرية خلال الأيام الاخيرة من الحرب العالمية الثانية. وخدم في الفلبين عام 1946 وانضم لاحقا إلى برنامج الاختبار النووي في الولايات المتحدة كما درس التأثيرات المحتملة في الطقس والناجمة عن التفجيرات النووية.
وعمل العالم ريد على تطوير فكرته باستخدام الأسلحة النووية لضرب الأعاصير خلال هذه الفترة، وتضمنت الفكرة الأولية إضعاف العواصف وتغيير مسارها، وليس تدميرها بطبيعة الحال. وافترض إمكانية تحقيق أمريكا لذلك عن طريق تفجير القنابل النووية في الهواء خارج مركز العاصفة.
وكان ذلك مجرد اقتراح ريد الأول ضمن مشروع Plowshares، حيث أوضح أن مركز الإعصار (عين الإعصار) أكثر دفئا بنسبة 10% من بقية العاصفة. وأضاف قائلا :"يبدو أن انفجار ميغا طن في مركز العاصفة يمكنه أن يؤدي إلى ابتلاع وسحب كمية كبيرة من الهواء الساخن إلى خارج العاصفة، إلى طبقة الستراتوسفير". وبالتالي سيدفع الانفجار صعودا الهواء الساخن ساحبا إياه من مركز العاصفة وبالتالي سيعمل الهواء الأقل سخونة في جوانب العاصفة على ملء الفجوة بشكل مستمر إلى حين توقف الإعصار.
ولم يكن إلقاء قنبلة نووية من طائرة B-29 وسط الإعصار، الأسلوب الأفضل بالنسبة للعالم ريد، حيث اقترح إمكانية تطبيق الأمر بشكل أفضل من خلال غواصة تحت الماء.
واقترح ريد أن يستخدم جهاز تفجير بقوة 20 ميغا طن (20 مليون طن) لأنه سيكون كافيا للتأثير على الإعصار، وعرض ريد هذه الفكرة لأول مرة في عام 1956 وأراد إدراجها ضمن السنة الجيوفيزيائية الدولية، سنة التعاون العلمي بين 67 دولة من جميع أنحاء العالم، ولكن لم يوافق أحد على اقتراحه في تلك الفترة.
ومع ذلك لم يستسلم أبدا، فقدم نظريته كمشروع مستقبلي في Plowshare في عام 1959، ومرة أخرى لم يأخذ أحد فكرته على محمل الجد. ولا نستطيع القول أن معظم خبراء الأرصاد الجوية اعتقدوا آنذاك أن العالم ريد به مس جنون في تلك الحقبة من الزمن، ولكن الكثير منهم يعتقد هذا اليوم.
ويتساءل الكثير من الأشخاص منذ ذاك الحين عن الحلول العملية والتفسيرات المنطقية لهذه الأفكار المتعلقة بالمشاكل الكارثية. وهنا قدم كريس لاندسيا، الذي يعمل في مركز الأعاصير الوطني، فرع دائرة الأرصاد الجوية الوطنية المراقب للعواصف الاستوائية، مادة نهائية على موقع NHC شرح فيها لماذا تعتبر نظرية ريد فكرة رهيبة حقا.
تكمن الصعوبة الرئيسية في استخدام المتفجرات للتأثير على الأعاصير في كمية الطاقة المطلوبة، فإن تغيير شكل الإعصار بشكل كامل يمكن أن يؤدي إلى إطلاق طاقة حرارية بمعدل من 5 إلى 20x1013 واط وتحويل أقل من 10% من الحرارة إلى طاقة ميكانيكية من الرياح.
ووفقا للتقويم العالمي عام 1993، استخدم الجنس البشري كله طاقة بمعدل 1013 واط في عام 1990، وهذا المعدل يعتبر أقل بـ20% من قوة الإعصار.
وبالرغم من حسابات ريد، قال لاندسيا إن معظم العواصف الاستوائية أقوى من الأسلحة النووية، ولم يأخذ ريد بعين الاعتبار ما الذي سيعقب تجربة الإعصار النووي.
جدير بالذكر، أن العالم ريد توفي عام 2007، ولم يُطلَق العنانُ لفكرته حتى العام 2004.
المصدر: ناشيونال إنتريست
من فضلك اضغط الاعلان
جزاكم الله خيرا
👇👇👇
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق